أهدى الملك محمد السادس خنجرا ذهبيا “كوميت” إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وهو بمثابة تذكار يحمل دلالات تاريخية عميقة في الوعي العسكري المغربي.
وحسب ما أورده محللون، فإن هذه الهدية لا تخرج عن سياق التذكير بالدور الذي لعبه المغاربة في الدفاع عن فرنسا خلال مرحلة تاريخية جد حساسة وحاسمة، حيث تشير المصادر التاريخية إلى أن الالتحاق بمعارك تحرير الجمهورية الفرنسية من المد الألماني التوسعي خلال بداية الحرب العظمى الأولى، جاء تلبية لنداء أطلقه السلطان محمد الخامس في خطاب له سنة 1939.
ووفقا لهؤلاء، فإن هذه الهدية تحمل دلالات كثيرة، فعلاوة على كونها تقديرا رمزيا للشخص، فهي تحيل أحيانا إلى الانتقال من مرحلة نحو أخرى، إذ يقدم الخنجر للعريس في الثقافة الأمازيغية كبداية لتحمل المسؤولية والإقبال على شكل جديد للحياة ورؤية العالم.
في هذا السياق، كشف الباحث في تاريخ المغرب المعاصر مصطفى القادري، أن تقديم “الكوميت” كهدية يعتبر تقليدا مغربيا حاضرا في تاريخنا، وحين تكون من الفضة تعتبر ثمينة، لكن إذا كانت مرصعة بالذهب، فإن ذلك يمنحها قيمة أكبر.
وأوضح القادري أن تقديم هذه الهدية لماكرون بعد توقيع الشراكات بالقصر الملكي يعزز عملية تبادل الهدايا الرمزية بين الدول، إذ ستظل موجودة في الإليزيه دائما، كهدية للرئيس الفرنسي بوصفه “ثقلا سياسيا ورمزيا في الجمهورية”.
وشدد ذات الأستاذ الباحث على أن “الكوميت” هي رمز للجنود المغاربة الذين شاركوا في الحرب العالمية الثانية، كاشفا أن هؤلاء “هم نواة الجيش الفرنسي، الذي شارك في هذه الحرب انطلاقا من العمليات الأولى في تونس، حيث كان الفرنسيون آنذاك تحت نير الاحتلال النازي الألماني”.
وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون شكر المجندين المغاربة في صفوف الحلفاء إبان الحرب العالمية الثانية، خلال خطابه أمام البرلمان، اليوم الثلاثاء، معلنا أن فرنسا تشعر بالكثير من التقدير والعرفان تجاه كل الجنود الذين استجابوا لدعوة الملك محمد الخامس.
وأفاد الرئيس الفرنسي بأن “مرور حقب الاستعمار، التي عرفت سعي الأحرار لتحرير الشعب المغربي، ومساعدتهم فرنسا في الاستقلال من الاحتلال، هي لحظات ستبقى باريس ممتنة لها”، مبينا أن “فرنسا اليوم تم بناؤها بسواعد الشعوب المغاربة، والعديد من المدن شاهدة على ذلك”.