صدر حديثا عن مكتبة دار السلام للطباعة والنشر والتوزيع بالرباط كتاب جديد بعنوان “الدليل العملي للفئات المستفيدة من البرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات” لكاتبه الأستاذ لحسن العيوض الباحث بسلك الدكتوراه في قانون الأعمال بكلية الحقوق- أكادير، ويهتم الكتاب بموضوع لا يزال حقلا معرفيا جديدا في الكتابات القانونية.
وقد جاء هذا الكتاب الذي خطه الكاتب، في أربعة فصول على النحو الآتي:
– الفصل التمهيدي: تحديد المفاهيم المرتبطة بالبرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات
– الفصل الأول: فهم البرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات
– الفصل الثاني: مراحل الاستفادة من منتجات البرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات
– الفصل الثالث: آليات تأهيل ودعم المقاولة الوطنية
ويأتي هذا الدليل العملي الذي جمع فيه المؤلف بين ما هو نظري وتطبيقي في إطار الإجابة عن مجموعة من التساؤلات والإشكالات التي تؤرق بال مختلف الفئات المستفيدة من عروض التمويل والمواكبة التي يقدمها البرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات، سواء الشباب حاملي المشاريع أو التجار أو الحرفيين أو المقاولين الذاتيين أو المقاولات الصغيرة جدا أو الصغيرة والمتوسطة وغيرها… عسى أن يكون مرشدا يهتدون به في حياتهم المقاولاتية منذ مرحلة ظهور الفكرة إلى غاية مرحلة انطلاق المشروع ومواكبتهم من أجل تدبير مختلف الصعوبات المالية أو الاقتصادية أو المحاسباتية أو التدبيرية أو التسويقية التي قد تواجههم.
كما يرصد هذا الكتاب مجموعة من المداخل الأساسية لتمويل ودعم المقاولات في ضوء الإصلاحات الحديثة الأخيرة التي تبنتها بلادنا في الآونة الأخيرة، وقد استطاع الكاتب الغوص في مجموعة من المواضيع المستجدة المرتبطة بعالم المال والأعمال والمقاولات مع ربطها بمحيطيها القانوني والمالي والاقتصادي والاجتماعي، مثل: نظام المقاول الذاتي، وإصلاح نظام الضمانات المنقولة، وآلية التمويل التعاوني، وإحداث المقاولات بطريقة الكترونية، والسجل التجاري الإلكتروني، والسجل الوطني الالكتروني للضمانات المنقولة، وتوطين المقاولات، وإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار، والميثاق الجديد للاستثمار، والاستراتيجية الوطنية للشمول المالي، وإصلاح نظام مساطر صعوبات المقاولة، وإحداث لجنة اليقظة الاقتصادية، وآليات تنزيل خطة الإنعاش الاقتصادي، وإحداث صندوق محمد السادس للاستثمار وغيرها…خاصة في ظل التحديات التي تفرضها العولمة وما ينجم عنها من تأثير على المنظومة الاقتصادية التي تقتضي التعامل معها بنوع من المرونة التي تضمن تحسين المناخ القانوني للأعمال والاستجابة لانتظارات المقاولين والفاعلين الاقتصاديين عموما.
وفي الختام، لاحظ الكاتب أنه بالرغم من المؤشرات القوية والآثار الإيجابية للبرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات سواء بالنسبة للدولة أو القطاع البنكي أو الفئات المستفيدة، فإن نجاحه يستدعي عناصر ومتطلبات وثوابت مهمة، لابد من الأخذ بنواصيها، وهي:
أولا: تقييم التجارب السابقة والبحث عن أسباب محدوديتها أو فشل بعضها؛
ثانيا: الإسراع بتفعيل آلية التمويل التعاوني للمشاريع والمبادرات المبتكرة؛
ثالثا: استثمار التكنولوجيات الحديثة والابتكارات المالية من أجل توسيع قاعدة الولوج إلى الخدمات المالية؛
رابعا: اعتماد تدابير التمييز الإيجابي لفائدة الفئات التي تعاني بشكل أكبر من صعوبة الولوج لسوق الشغل خاصة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والنساء في العالم القروي؛
خامسا: وضع معايير وآليات موضوعية لتقييم المعطيات والمؤشرات النوعية والكيفية للبرنامج؛
سادسا: تقييد السلطة التقديرية للجان انتقاء المشاريع عبر تحديد معايير موضوعية وشفافة؛
سابعا: وضع نظام معلوماتي وآليات مناسبة لتتبع وقياس التقدم المنجز في البرنامج؛
ثامنا: التفاعل الإيجابي للسلطات الحكومية المعنية مع الشكايات الواردة من الفئات المستفيدة من البرنامج بشأن طلبات التمويل؛
تاسعا: تعزيز قدرات المراكز الجهوية للاستثمار والهيئات الأخرى المكلفة بتلقي طلبات تمويل المشاريع حتى تتمكن من مد حاملي المشاريع الجدد، في مرحلة أولى بمساعدة تقنية جيدة في ميدان إعداد الملفات، وفي مرحلة لاحقة بخدمة للمواكبة خلال السنوات الخمس الأولى.
إن الكتاب الذي أمامنا اليوم يعتبر دليلا عمليا للمقاول والقاضي والمحامي والممارس والخبير ولكل الباحثين والمهتمين بمجال الأعمال والمقاولات، نظرا للمنهجية الخاصة التي اعتمدها المؤلف في مقاربته لأهم المحطات التي يمر منها المشروع وأهم الإكراهات والصعوبات التي قد تواجهه ومختلف الحلول والآليات الناجعة لمواجهتها معتمدا في ذلك منهجية سهلة وسلسة تسهل على كل مهتم الرجوع إلى المسألة المطلوبة بسهولة، فنحن أمام عمل رصين استطاع صاحبه أن يلم بمجموعة من الفروع القانونية، ويكفي القول بأن موضوع الكتاب يضع الأصبع على أهم الإشكالات التي تواجه المقاولين مقدما مجموعة من الإجابات والحلول والاقتراحات، خاصة في ظل المفاهيم الجديدة التي أصبح يتبناها المشرع في الحياة الاقتصادية بشكل عام، وفي الختام لا يسعني إلا أن أهنئ الأستاذ لحسن العيوض على هذا العمل الرصين متمنيا له المزيد من التوفيق في درب البحث والمعرفة.