الاعتقال الاحتياطي في زمن كورونا
اضطررت خلال الاسبوع المنصرم الخروج من بيتي والتنقل لأكثر من مرة إلى مقر محكمة دائرة عملي لمؤازرة متهمين تقرر وضعهما رهن الحراسة النظرية ومتابعتهما في حالة اعتقال، لن أناقش في هذه الخاطرة سلامة متابعتهما في حالة اعتقال من عدمه غير أن المناسبة شرط لتوضيح مدى لزوم إخضاع بعض المتهمين (وليس كلهم) لتدابير الاعتقال الاحتياطي في ظل استمرار حالة الطوارئ الصحية التي يعيشها الوطن.
إذا كانت رئاسة النيابة العامة تنشر بين الفينة والاخرى دوريات حول ترشيد الاعتقال الاحتياطي وتطبيقه في أضيق الحدود (دورية 1/2017- دورية 44/2018-دورية 5/2019) فإنها في هذا الظرف الاستثنائي يتوجب عليها أن تأمر بوقف تجهيز المساطر (في غير حالات التلبس والجرائم الخطيرة وتلك المرتبطة بحالة الطوارئ الصحية) إلى ما بعد انتهاء فترة حالة الطوارئ الصحية لما عاينته من تقلص كبير على مستوى توفير كافة حقوق دفاع المعتقلين الذين حرموا من الزيارات العائلية ومن الاستعانة بالشهود لمنع المواطنين التنقل بين المدن وخشية هؤلاء من الاصابة. ومن جهة أخيرة وهي الاهم انهزامهم المعنوي نتيجة تخوفهم من العدوى داخل السجن خاصة وأن عدد من وسائل الاعلام تحدثت عن تحقق بعض الاصابات داخل بعض السجون.
وهذا القرار سوف يوفر جهود النيابة العامة والضابطة القضائية لخدمة انشغالات الدولة بفرض حالة الطوارئ الصحية ويؤمن في نفس الوقت حقوق دفاع المعتقلين ويجنبهم أيضا (وهذا مهم ) الاصابة بالفيروس داخل السجن الذي من شأن حصوله أن يفتح باب المسؤولية في مواجهة النيابة العامة عن الخطأ أو الغلو في إخضاع المعني لتدابير الاعتقال الاحتياطي مطالبا إياها التعويض عن الخطأ القضائي المنصوص عليه في الفصل 122 من الدستور أو التعويض عن نفس الضرر في إطار نظرية المخاطر التي لا تستوجب افتراض خطأ النيابة العامة إذ يكفي حصول الضرر و العلاقة السببية بينه وبين الاعتقال.
وأعتقد أن القرار المبكر لجلالة الملك بتمتيع عدد كبير من المعتقلين بالعفو خارج موعده المعتاد (الاعياد الوطنية والدينية) دليل على استحضار جلالته للعديد من الابعاد و الاهداف التي حاولت هذه الخاطرة مقاربة بعضها.
الاستاذ نور الدين بن محمد العلمي/محام بهيئة أكادير وكلميم والعيون