وافقت لجنة التراث الثقافي لمنظمة العالم الإسلامي للتربية و العلوم و الثقافة “الإيسيسكو” يوم الإثنين 18 دجنبر 2023 والمصادقة على إدراج ثمانية عناصر من التراث غير المادي باسم المغرب، وهم صناعة الحلي من الخرز.ونسج الحايك والبرنوص بفجيج.و الدباغة.
وفن فروسية ماطا وخزف آسفي.التلبي.و أغاني ورقصة عواد آيت بعمران.واللعبة التقليدية “السيرك”.
ليصبح في رصيد المملكة المغربية 54 عنصرا مسجلا لدى الايسيسكو كأول دولة إسلامية في الترتيب.
تتميز رقصة عواد آيت باعمران بالانضباط في الإيقاع واللباس وٱحترافية في الحركات وٱنسجام تام مع استخدام العواد وكذلك بقوة الحركة الجسدية، تحريك الكتفين بسرعة متناهية والضرب بالرجلين على شكل إيقاعات سريعة ودقيقية، ثم تحريك الرأس ببطء وتثاقل إضافة إلى تحريك اليدين. الرئيس وحده هو الذي يمتلك سلطان الإعلان عن انطلاق كل هذه الحركات الجسدية وممارساتها، فهو الذي يتحكم أولا في الفضاء العام الذي هو مرتع الرقص والحفل ويتحرك فيه بسرعة، حيث عليه أن يجوب كل ذلك الفضاء وينتقل بخفة أمام حزام يتكون من30 فنانا، الذين عليهم الانتباه إليه ومحاكاته بدقة متناهية فهو ينتقل من تحريك الكتفين إلى الضرب بالرجلين في سرعة كبيرة، في الوقت الذي يجب على الواقفين أمامه أن ينتقلوا بنفس السرعة وفي نفس الوقت.
ان وظيفة الرئيس أو الرايس، هي محور رقصة عواد ايت باعمران وإن لم نقل هي جوهره ومحركه الأساسي، فهو يقوم بإشارات عديدة ويطلق أصواتا مختلفة عبارة عن صيحات قوية، يدري جيدا متى يطلقها و متى ينهيها، فهذه الوظيفة لا يقوم بها إلا من تجتمع فيه عدة شروط أولا الخبرة والاحتراف ثانيا السرعة وقوة الحركة… ثالثا الإجماع الذي يجب أن يحظى به من قبل جميع أعضاء المجموعة.
و بشكل مقتضب و من زاوية انتروبولوجية فالحركات ووضعيات الجسم والإيماءات وتقنيات الجسد وحركة يد المحترف ورجليه، والتعبير عن المشاعر. وكلها طقوس تضفي جمالية فريدة على المحفل، إضافة إلى شروط أخرى تجعل منه صورة فنية متخمة بالرموز والمعاني التي يحيى بها ممارسو هذا الفن والتي يحرصون حرصا شديدا على احترامها والمحافظة على أدق تفاصيلها.
وعادة ما نجد رقصة عواد آيت باعمران تتكون من 30 فردا يقفون على شكل نصف دائري، يرتدون لباسا موحدا ومتناسقا في جميع تفاصيله في اللون والشكل والنوع، يترأسهم رئيس هو الذي يتولى قيادة هذه المجموعة يمكن أن يتميز عنهم في لون لباسه لا غير، وبجانب هذه المجموعة تجلس مجموعة معزولة عنهم أصحاب الإيقاع « العواد والبندير» وبجانبهم نجد موقدا للنار لتسخين البنادير.
هذه الحركات التي ترمز إلى ما يقوم به الإنسان طيلة فصول السنة، الأمر الذي يؤكده انطلاق أجواء الاحتفال التي تنتعش فيها رقصة عواد ايت باعمران في فصل الصيف تبركا وابتهاجا بما جادت به السماء والأرض من محصول زراعي يشكل مصدر عيش الإنسان و الحيوان على حد سواء في هذه المجالات القروية
وأما الحركات الجسدية البطيئة التي يقوم بها المشاركون في انتظام وتناسق كبير على شكل تموجات، فإنها تصور تحركات السنابل في الحقول التي تحركها الرياح، وقد توحي حسب تعدد الروايات واختلاف المناطق، بطريقة مشي الخيول حين تتباطأ في السير.
أما الشكل العام الذي تتخذه رقصة عواد ايت باعمران فهو يصور شكل الهلال، وينضاف له عدد المشاركين الذي لا يتجاوز ثلاثين فردا، لتعبر الرقصة عن الزمن وتوالي الشهور التي يمارس فيها الإنسان أشغاله، وهكذا يعبر هذا الفن الجماعي عن أشكال الحياة الاجتماعية، وكانت الأمنية لساكنةقبائل أيت باعمران
و محبي هذا التراث الامازيغي أن يحضى هذا النوع بأهمية و عناية من طرف المشرفين على الشأن الثقافي بالمغرب حتى يكون الأفضل والرقي بموروثنا الثقافي إلى أعلى المستويات والان بهذا الاعتراف الدولي تحقق أكثر مما طال انتظاره محليا .
وجدير بالذكر أن لجنة التراث التابعة لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة “إيسيسكو” تعنى بحماية التراث الثقافي والتراث الطبيعي، وهو ما يعزز من الحفاظ على المواقع والعناصر المختارة وتثمينها.
عبد الكريم غيلان
مستشار تأمين و مالية
كاتب رأي