أن تُخبَر وزارة الطاقة بهذه الدولة العظمى – حسب وصف رئيسها مؤخراً – بقرار من حجم وحساسية إعادة استعمال أنبوب الغاز المغاربي – الأوروبي في الضّخ العكسي نحو المغرب عبر رسالة إلكترونية قصيرة فهي إهانة لأنفة وعزّة وكرامة للشعب الجزائري من جهة.. وتحقير واستهزاء واستصغار لنظام العصابة من جهة ثانية لا من حيث وسيلة الإخبار فحسب والتي يمكن أن تتعرّض للقرصنة.. وعليه يتم الإعتماد على القنوات الدبلوماسية الرسمية في مثل كهذا قرار
بل وأيضا جاء الإخبار للتأكيد على أجرأته بعد يومين فقط.. وهو ما يعطي الإنطباع لدى المهتمّين بالشأن المغاربي بأن إسبانيا بهذا القرار والصيغة والشكل تكون بالفعل قد تجاوزت ورقة الغاز الإبتزازية التي تحاول العصابة توظيفها في عدائها مع المغرب..
والبلادة وقمّة الغباء أن وزارة الطاقة الجزائرية هي من أخبرتنا برسالة البريد الإلكتروني دون أن تعرف أن في ذلك إهانة للدولة العظمى.. وقد يكون مردّ ذلك طبعا هو المغرب ذاك الإسم الذي يربك مضجع قيادة قصر المرادية صباح مساء..
إذ هدّدت الجزائر عبر الرد على الخبر الإلكتروني بمراجعة كافة الالتزامات الموقعة مع إسبانيا في حالة ما إذا تمّ إعادة بيع الغاز الجزائري للمغرب عبر توريده عكسيّاً..
وللعودة إلى مضمون هذا الرسالة الإلكترونية الإسبانية التى نشرت جريدة إلماندو محتوياتها سنجد أن الخبر يتحدّث عن إعادة استغلال أنبوب الغاز الرابط بين إسبانيا والمغرب فقط لاغير دون أيّة إشارة إلى مصدر الغاز.. وطبعاً لن يكون غازاً جزائريا بحجة ان إسبانيا نفسها تبحث عن بدائل أخرى لتغطية حاجياتها بعد إغلاق الأنبوب المغاربي..
إضافة إلى ذلك.. أن لا أحد يتحدّث الآن عن الغاز الجزائري الآن ومستقبلا.. وبحسب الخبراء لم يعد البلد قادرا على تجاوز سقف 11٪ من تغطية حاجات أوروبا.. بحكم حجم احتياطاته المستنزفة من جهة وتقادم آليات الاستخراج والتوزيع من جهة ثانية إضافة إلى طبيعة هذا النظام الذي لا يحترم التزامات الدوليّة ومضامين اتفاقياته التعاقدية مع دول المحيط والجوار..
بدليل أنّه أخبر إسبانيا بإيقاف أنبوب الغاز قبل ساعتين من نهاية العقد المنظم الذي ينص على إخبار الشركاء سنة قبل ذلك..
وأعتقد أن إسبانيا برسالتها الإلكترونية ردّت بالمثل حيث أشارت إلى قرار إعادة التشغيل المعاكس سينطلق غداً أوبعد غد على أكثر تقدير.. وعموما قبل عيد الفطر..
لذلك سأعيد هذه الجملة كما في مقال سابق ( فلتشربوا غازكم) أما الأنبوب فقد أخبرناكم أن بلدنا لن تتركه يصدأ..
وبالفعل منذ الإعلان عن إيقافه.. وبقوّة القانون أصبح مغربيّا صرفة وعلى طول أكثر من 550 كلم وبتقنيات عالية من حيث المراقبة وحجم سعته التي تفوق كل الانابيب الأخرى.. منذ ذلك الوقت شرع خبراء ومهندسون مغاربة في تأهليه تقنيّاً للاشتغال في اتجاه الضخ العكسي .. والآن وقد أصبح الأمر جاهزا لذلك جاءت الرسالة الإلكترونية قصد الإخبار فقط..
أما هوية ومصدر الغاز فهو قطريّ بامتياز أعطيت انطلاقته مباشرة بعد الزيارة الأخيرة لرئيس الحكومة المغربية.. وأضافت جريدة البايس الإسبانية التي اوردت الخبر بأن المغرب تفاوض مع قطر في هذا الموضوع وبسعر تفضيلي وعبر سفن نقل الغاز التي ستستقبلها الموانئ الإسبانية نحو الأنبوب المغربي..
هذه هي القصة.. وما فيها
وهي الفقسة التي أصابت حكام المرادية وهي تتابع بحسرة كيف تجاوز الجميع الغاز الجزائري.
دون أن ننكر بأن الوضع سيكون كارثيا لو كنا مجموعين مع هذه العصابة في جزيرة لوحدنا وهم الوحيدون اللذين يزودوننا بالغاز، أما والحالة فليس هناك أي ضرر..
بل كان حافزاً في إنشاء المغرب لاحتياطي استراتيجي للطاقة حسب الخطاب الملكي خلال الكلمة الافتتاحية للدورة التشريعية، بموازاة تزايد عمليات استكشاف عن الغاز بمناطق متفرقة كل ذلك سمح لبلدنا من إدارة احتياجاته وتزويد أسواقه بالمنتجات الأساسية بكميات كافية وبطريقة عادية دون أن ننسى تعزيز البنية التحتية لميناء الناظور لكي يصبح مركزاً مرجعيّاً للطاقة في بلادنا..
كل هذا وذاك ماهو إلاّ ترجمة عمليّة لجملة واحدة :
فلتشربوا غازكم…
والى الأبد..
يوسف غريب