إلى أين يتجه العالم؟

IMG 20250618 WA0185 jpg كُتّاب وآراء

عادل الزبيري
كشف العدوان الإسرائيلي الجديد ضد إيران، عن فصل جديد من مخطط أمريكي غربي؛ من تنفيذ من الوكيل الإقليمي إسرائيل.

ففي ما بعد السابع من أكتوبر، نكلت الدولة العبرية بالمدنيين العزل في قطاع غزة، ونفذت عمليات عسكرية في كل الضفة الغربية، في رسالة واضحة المعالم مفادها أن القبضة العسكرية لتل أبيب، لا يمكن إيقافها من أي دولة، ولو من قبل دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.

ففي الوقت الذي كانت إسرائيل تقتل المدنيين العزل في قطاع غزة، كان زعماء أوروبيون يطلقون تصريحات أخلاقية، تنادي بإيقاف استهداف المدنيين العزل من الفلسطينيين في قطاع غزة، بينما كانت ماكينات القتل تواصل اشتغالها أمام عدسات الهواتف المحمولة للصحافيين.

أسقطت الحرب في قطاع غزة في فلسطين الأقنعة الأخلاقية عن دول تحكم العالم، يرتدي زعمائها بدلات أنيقة، ويقرؤون خطبا عن قيم أخلاقية وعن كيفية انتصارهم في الحرب العالمية الثانية.

بالتأكيد أن عملية السابع من أكتوبر لم تكن فعلا مقاوما استراتيجيا، بقدر ما كان مغامرة مجهولة العواقب من ذراع إيران في فلسطين أي حركة حماس، لنكن واقعيين في التحليل، ولو أن الشعب الفلسطيني بكل مكوناته من حقه القيام بأي فعل مدني او عسكري يراه مناسبا، لمواجهة الغطرسة الاستعمارية الإسرائيلية.

ولنكن واقعيين أيضا، في فهم أن إسرائيل دولة تتوفر على حماية مطلقة من صُناع القانون الدولي، ومن بُناة النظام العالمي الجديد، لما بعد الحرب العالمية الثانية، وأولهم الولايات المتحدة الأمريكية.

وما يحدث اليوم في إيران من هجوم إسرائيلي بالصواريخ، هو تنفيذ لمخطط غربي متواصل منذ سنوات طويلة لمنع إيران من الوصول إلى استكمال البرنامج النووي، مرة عبر الحصار، ومرة عبر مفاوضات ماراطونية عبثية جدا، ومرة عبر التلويح باستخدام الخيار العسكري.

ويبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعطى الموافقة لوكيل واشنطن في الإقليم، أي إسرائيل، لتنفيذ عملية عسكرية ضد إيران، وهي عملية عسكرية غير معروف تاريخ النهاية لها، ولا معروف سقف الطموح الإسرائيلي الأمريكي، حيال النظام الحاكم لآية الله في طهران.

في سياق محاولات الفهم لما يجري بين أكبر قوتين إقليميتين في المنطقة، أي بين إسرائيل وإيران، ظهر جليا عدم وجود أي شيء اسمه العالم العربي، باعتباره بناء سياسيا وجيواستراتيجيا قادرا على الفعل والخروج من منطقة رد الفعل عبر البيانات فقط؛ أما الجامعة العربية فمجرد مؤسسة إدارية تنظم اجتماعات تحمل اسم القمم العربية.

ستحاول إيران تقديم درس في الصمود الاستراتيجي، لأنها برهنت عن براعة كبيرة في هذه الرؤية في مواجهة الغرب، بينما إسرائيل من الممكن أن تمضي قدما في إفراغ صواريخها ضد الأهداف الحساسة وضد المدنيين الإيرانيين، بحسب ما يسمح به كبير العالم الأمريكي.

في المغرب، انقسم المغاربة كأنهم يتابعون مباراة في كرة القدم، جزء مع إيران باعتبارها دولة إسلامية مع تحفظ كبير على دعمها للعناصر المسلحة في جبهة البوليساريو الانفصالية، فيما القسم الآخر من الجمهور فضم صوته لصالح إسرائيل، مقدما تبريرات يراها صالحة.

يبقى المغاربة متابعين جيدين لكل ما يجري في العالم، وهذه مسألة إيجابية جدا في تقديري، من لعبة كرة القدم، إلى تتبع يوميات الحرب الوحشية الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين العزل في قطاع غزة، وصولا الى تحليل كل صغيرة وكبيرة للعدوان الإسرائيلي ضد إيران.

بالتأكيد أن نظام الملالي في إيران يبقى ورما سرطانيا خبيثا نخر جسد الإقليم العربي، ولا يمكن نسيان جرائم أذرع إيران ضد المدنيين العزل في سوريا، ولا جرائم حزب الله في لبنان، وقتل المدنيين في اليمن بدم بارد عبر وكيل طهران في اليمن، جماعة الحوثي؛ ما يعني أن إيران دولة راعية للإرهاب في كل المناطق التي تنجح في التسلل إليها.

وتاريخيا، أصبحت إيران في مرمى الغرب بعد مساهمتها الكبيرة في إرهاق عراق صدم حسين في حرب استمرت على امتداد 8 سنوات.

وبخصوص علاقات المغرب مع إيران، لم تعرف بتاتا استقرارا، لأن إيران ثورة الخميني، القادم من فرنسا، لم تحترم المملكة المغربية، وانتهى بها الحال إلى التورط بالحجة، في تدريب عناصر جبهة البوليساريو الانفصالية، أي أن طهران تعادي عمليات وواقعيا، المصالح المغربية في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.

يعرف العالم في تقديري، طبعة جديدة ومنقحة من الاتفاق التاريخي بين فرنسا وبريطانيا لتقاسم تركة الإمبراطورية العثمانية، المعروف تاريخيا تحت اسم سايكس بيكو، ولكن هذه المرة، بترأس للحاكم الجديد للعالم أي الولايات المتحدة الأمريكية.

تجري عملية تحريك الدول في إقليم الشرق الأوسط، والبداية من قطاع غزة في فلسطين، فلا مستقبل واضح لكل الدول العربية في الشرق الأوسط ولا في إقليم الخليج، في انتظار ما يريده الحاكم بأمر الله في العالم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

التعاليق (0)

اترك تعليقاً