تحولت حياة سكان “إقامة رودانة” في الحي المحمدي بأكادير، ( شارع سطات ، مقابل مدرسة جيل إسبوار الخاصة) إلى جحيم يومي بسبب ورشة سرية للنجارة تستغل الطابق الأرضي لهذه العمارة السكنية منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات حيث كانت العمارة قيد البناء.
صاحب الورشة، الذي يشتغل رفقته شخصين آخرين، يلجأ بصفة شبه يومية إلى تشغيل آلات النجارة التي تسبب إزعاجا للساكنة بسبب التلوث السمعي، بل الأخطر من ذلك أن انبعاثات دقيق النجارة الناتج عن استخدام الآلات يغمر الشقق السكنية، مما تسبب لبعض السكان في الإصابة بمرض الربو المزمن.
وقد حاول سكان العمارة السكنية تنبيه صاحب الورشة السرية إلى الخطورة المحدقة بصحتهم، لكنه لم يعر ذلك أي اهتمام، مما اضطرهم إلى التقدم بشكاية لدى المصالح الجماعية لأكادير المسؤولة عن أعمال الشرطة الإدارية للقيام بواجبها.
هذا، وعلى الرغم من كون الشكاية المقدمة لمصلحة الشرطة الإدارية لدى الجماعة الترابية لأكادير قد مر عليها حوالي سنة كاملة (سلمت الشكاية في 24 فبرلير 2022)، فإن الإجراء المتخذ بخصوصها لم يتجاوز القيام بمعاينة الورشة السرية واستجواب صاحبها، وهذا ما قام به أيضا عون السلطة التابع للملحقة الإدارية السادسة التي يندرج موقع الورشة السرية في منطقة نفوذها، لتقف الأمور عند هذا الحد، بينما استمرت معاناة الساكنة التي أصبحت محرومة من حقها في فتح النوافذ وأبواب الشرفات، كما أصبحت محرومة من السكينة والهدوء بفعل استعمال المطارق والمناشير طيلة ساعات اليوم، بل تستمر الأشغال أحيانا حتى الفترة الليلية.
والأخطر من كل هذا، أن أحد سكان العمارة المتضررين اضطر لعيادة الطبيب المتخصص في أمراض الجهاز التنفسي الذي فاجأه بإخباره بأنه يعاني من مرض الربو المزمن، وأنه “أصبح عرضة للموت البطيء”، حيث أخضعه الطبيب لحصة من التزود بالأوكسجين استمرت ساعتين.
وأمام هذا الوضع الشاذ في مدينة أكادير التي تعيش على وقع أشغال التأهيل الحضري الذي سيصرف من أجل تنزيله ميزانية ضخمة تجاوزت 600 مليار سنتيم قصد تجويد ظروف عيش السكان دافعي الضرائب، وسكان العمارة المتضررة من ضمنهم، يطرح السؤال حول الجدوى من هذه الاستثمارات العمومية الضخمة في ظل استمرار مظاهر البداوة، واستمرار تواجد وفتح الورشات السرية للنجارة والحدادة وغيرها من المهن الملوثة.
والأدهى من كل ذلك، فالسؤال المطروح هو إلى متى سيستمر تقاعس وتلكؤ بعض القائمين ( نقول البعض وليس الجميع)، على تدبير الشأن العام بمدينة أكادير في القيام بواجبهم، وتجاهل شكاوى المواطنين المتضررين من ممارسات البعض ممن لا يعيرون أي شأن للسلطات العمومية، ويضعون نفسهم خارج القانون، وربما فوق القانون، الذي من المفروض أن يسري على الجميع.