قد لا يكون الآذان لصلاة العصر بداية توافد المصلين نحو المسجد فحسب بل تحوّل إلى موعد قار لدى مجموعة من الصائمين وعابري السبيل نحو ساحة لاگورا بشاطئ توادا بأكادير..
يوصلك هذا الطّابور الذي تشكّل رمشة عين نحو مجموعة أيادي شابة وهي تصارع الوقت في تعليب وتهييء أكثر من 250 وجبة إفطار يتّضح من خلال هذه الدينامية المحكمة التنظيم أنّ هذه الأطقم الشّابة وبهذه الإنسابية قد تعوّدت على ضبط هذا الإيقاع وفق دقائق الساعة قبل الغروب..
تقترب أكثر إلى ملامحهم تفاجئ بابتسامة الرضى على تواجدهم في العمل التطوعي…لتكشف هوية ملابسهم الموحدة والأنيقة انتماءهم إلى فرع منظمة روتاني بأكادير..
لن يخرجك من هذا اللون الموحد سوى اللون الأبيض الوحيد في هذا الفضاء المطعمي.. والممتد نحو أغلبية شعره.. بشوش الوجه.. منشرح المحيا.. بحركات جد محدودة وتوجيهات ذات الصلة بعملية الانطلاق.. بين الحين والأخرى يسمعك صوته المرادف للترحيب والتبريك.. تعرف من خلال اللافتة المؤطرة والمؤسسة لهذا الفعل الإحساني أنّه رئيس الجمعية الجهوية لمهنيي المطاعم السياحية بجهة سوس ماسة السيد محمد گولحسن ومنذ ثلاث سنوات أنذر نفسه على الحضور اليومي وطيلة رمضان والإشراف والتتبع لكل عمليات التمويل والتوزيع.. بل إن الجمعية كانت الوحيدة التي بادرت أثناء فترة الحجر الصحي بتوفير وجبات الإطعام لعابري السبيل طيلة المدة كما صرّح لنا بذلك الرحل الثاني في الجمعية وأحد الفاعلين في عملية الإعداد السيد خلوق عبد الله..
يتوسّط هذين الجيلين إسمان لهما بصمات مؤثرة وفاعلة في كل المبادرات المدنية التي شهدتها مدينة أكادير خلال السنوات الأخيرة.. هم الإخوة عمر نويب.. وهشام الصنهاجي
لذلك كان طبيعيا أن يهبوا وقتهم وجهدهم وتجربتهم في التنظيم والتدبير وبنفس تطوعي رهن إشارة هذا الفعل الجماعي الإحساني..
(كوكتيل) بشري ومن مختلف الأعمار والقناعات وحدتهم قناعة واحدة قبل أن يفكروا في وجبة فطورهم.. فكّروا أولا في وجبة فطور غيرهم… وبقيمة غذائية غنية ومتوازنة..بل وهم في غمرة الإعداد للذهاب إلى تقاسم وجبة الإفطار مع نزلاء مرضى السرطان بدار الحياة بأكادير
يناقشون على الهامش طبيعة الوجبة التي ستقدم بمناسبة ليلة القدر المباركة
كل ذلك من أجل إفطار الصائم.. و ليس من باب الصدقة كما يعتقد وإنما من باب الهدية، كما عرّفه العلماء..
وأيضا من باب القناعة المدنية والروحية لدى كل من ساهم من قريب أومن بعيد وخاصة لدى هذه الشبيبة التى قدّمت لنا بفعلها الميداني التطوعي لوحة مجتمعية مؤسسة على قيم التضامن والتآزر أصل تماسكنا اليوم ومستقبلاً..
هي لوحتنا اليوم جميعاً.. الفضل فيها لكل هؤلاء المرابطين هناك من إفطار عابري السبيل..
وأنا أغادر.. نسيت ان أسأل أحدهم هل قرأ قصيدة محمود درويش :
وأَنتَ تُعِدُّ فطورك..
فكِّرْ بغيركَ
يوسف غريب