عقدت النيابة العامة بالدائرة القضائية بأكادير يوم الخميس 23 فبراير 2023 بمركز الإصطياف التابع لوزارة العدل بأكادير لقاء تواصليا مع الضابطة القضائية التابعة للقيادة الجهوية للدرك الملكي لأكادير وذلك في “موضوع شكليات الأبحاث التمهيدية ودور محاضر الضابطة القضائية في ضمانات المحاكمة العادلة”
وانطلقت فعاليات هذا اليوم التواصلي بكلمة السيد عبد الرزاق فتاح الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بأكادير والتي أكد فيها على أهمية الموضوع المثار ودوره في تكريس التعامل الجدي مع مسألة الأبحاث التمهيدية وأهمية محاضر الضابطة القضائية لتحقيق المحاكمة العادلة والقضائية. وكذا كلمة السيد القائد الجهوي للدرك الملكي بأكادير التي ثمن تعاون أجهزة النيابة العامة ومصالح الدرك الملكي للتداول في موضوع دور الضابطة القضائية ومساهمتها في تجويد الأداء القضائي وتحقيق العدالة.
وفي علاقة بموضوع اللقاء التواصلي، قدم الأستاذ عبد الله بلعسري النائب الأول للوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بأكادير، عرضا أمام الحضور المشكل من موظفي النيابة العامة وضباط الشرطة التابعة للدرك الملكي، انطلاقا من مجموعة من مواد المسطرة الجنائية.
في هذا السياق، استهل ذ بلعسري تدخله بتعريف “محضر البحث التمهيدي” طبقا للمادة 24 من قانون المسطرة الجنائية واحترام شكليات إنجاز محاضر البحث التمهيدي والآثار التي تترتب عن الاخلال بها، وتقديم تعريف آخر لعمل الضابطة القضائية والصلاحيات المخولة لضباط الشرطة القضائية وحدودها من خلال المقتضيات المنصوص عليها قانونا، وأكد على أن عمل الشرطة القضائية هو نقطة انطلاق أساسية لتحريك إجراءات التحقيق والمتابعة، وتمتد أيضا إلى إجراءات المحاكمة، وذكر بخضوع ضباط الشرطة القضائية لمراقبة عملهم من طرف السلطة الرئاسية لرؤسائهم والنيابة العامة (الوكيل العام للملك ووكيل الملك) وتقييم عملهم وتنقيطهم، كما يخضعون في إطار ممارسة أعمالهم لمراقبة الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف.
الاستاذ بلعسري شدد على ضرورة احترام مجموعة من المقتضيات القانونية أثناء القيام بالبحث والتحري ومراعاة حقوق الإنسان باعتبارها من أركان نظام العدالة الجنائية المعاصرة وضمانات المحاكمة العادلة والحرص على ضمان سرية الأبحاث باعتبارها من الحقوق المرتبطة بحقوق المشتبه فيه أولا، ثم كتمان السر المهني.
وبعد التذكير بأنواع ضباط الشرطة، تم التركيز على ما يهم البحث المتعلق بالأحداث الجانحين والأحداث في وضعية صعبة والأحداث في وضعية مخالفة للقانون، واستحضار كافة المواثيق والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها عليها المغرب.
هذا، وتفاديا لهدر الزمن القضائي والاخلال بالنجاعة المطلوبة، الح الأستاذ بلعسري على فورية إشعار النيابة العامة بالمعطيات وتوجيه أصول المحاضر بمجرد انتهاء الأبحاث الى النيابة العامة المختصة مباشرة.
و أكد بهذا الخصوص بأن المادة 24 من ق.م. تؤكد على أي إخلال يطال الشكليات أو الاجراءات التي يأمر بها القانون يعرض المحضر للبطلان، و شدد على ضرورة تضمين المحضر الهوية الكاملة للشخص المستمع إليه، وكذا صفته ومهنته، و عنوانه بالكامل، و رقم بطاقة تعريفه الوطنية، و رقم هاتفه المحمول، و رقم التأجير بالنسبة للموظفين، و الإدارة التي يشتغلون فيها، فضلاً عن الرقم المهني الخاص بالعسكريين وأشباه العسكريين، و كذا هوية الأجانب باللغة اللاتينية.
واعتبر بأن الهدف من ذلك هو تسهيل إجراءات التنفيذ، حتى لا تبقى الأحكام والقرارات الصادرة في حق المحكوم عليهم بدون تنفيذ ويطالها التقادم، وتحقيق الردع المنصوص عليه قانونا وكذا غاية المشرع من سن القوانين.
المتحدث نفسه توقف كذلك عند عملية تسهيل عمل الخلايا المحدثة بالمحاكم، مثل وحدات التحصيل، في مجال تحصيل الديون العمومية في التوصل إلى المحكوم عليهم، و ضرورة تذليل الصعاب التي تطرح أثناء تنفيذ العقوبات السالبة للحرية في حق الأشخاص المحكوم عليهم في حالة سراح.
من جانب آخر، و بخصوص تنفيذ الإكراهات البدنية في إطار الديون الخاصة، توقف الأستاذ بلعسري عند المادة 57 من قانون المسطرة الجنائية، و التي أوجب من خلالها المشرع على ضابط الشرطة القضائية القيام إخبار النيابة العامة فورا بحالة التلبس بجنحة أو جناية، و الانتقال في الحال إلى مكان ارتكاب الأفعال الجرمية لإجراء المعاينات منذ أولها، فضلاً عن الحفاظ على الأدلة القابلة للاندثار و على كل ما يمكن أن يساعد في إظهار الحقيقة، إضافة إلى حجز الأسلحة والأدوات التي استعملت في ارتكاب الجريمة أو التي كانت معدة لارتكابها وكذا كل ما قد يكون ناتجا عن هذه الجريمة.
كما يلزم يضيف بلعسري عرض الأشياء المحجوزة على الأشخاص المشتبه في مشاركتهم في الجناية أو الجنحة قصد التعرف عليها، مع أخذ البصمات من مكان ارتكاب الجريمة بالاستعانة بأشخاص مؤهلين لذلك عند الاقتضاء
كما يلزم الأمر أيضا القيام بإجراء خبرات عليها وعلى بقية أدوات الجريمة والأشياء التي تم العثور عليها وحجزها بمكان الجريمة، و تتبع مآل الخبرات المأمور بها تحت إشراف النيابة العامة المختصة قصد استغلالها في الأبحاث الجارية.
الأستاذ بلعسري توقف كذلك عند المواد 66 و 67 و 68 من قانون المسطرة الجنائية، وما تستلزمه من ضرورة مسك سجل خاص بالوضع تحت تدابير الحراسة النظرية، وتقييد هوية الشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية، و ضرورة توقيع السجل من طرف هذا الشخص الموضوع تحت تدابير الحراسة النظرية وكذلك الضابط بمجرد انتهاء مدتها، مع ضرورة عرض السجل المذكور على وكيل الملك المختص للاطلاع عليه ومراقبته والتأشير عليه مرة كل شهر على الأقل، إضافة إلى إشعار النيابة العامة المختصة بالوضع تحت تدابير الحراسة النظرية الذي خضع له المشبوه فيه، و إشعار المشتبه فيه بأنه من حقه الاتصال بمحام وكذا حقه بأن يعين له في إطار المساعدة القضائية، و حقه كذلك من مساعدة قانونية وإمكانية الاتصال بأفراد عائلته، كما يمكن بإذن كتابي من النيابة العامة ولضرورة البحث تمديد فترة الحراسة النظرية لمرة واحدة لمدة 24 ساعة إضافية.
كما يلزم على الشرطة القضائية فورا إشعار المحامي المعين مع إخبار النقيب بذلك، و أن يبين كل ضابط من ضباط الشرطة القضائية في محضر استماع أي شخص خاضع للتدبير المذكور يوم وساعة ضبطه ويوم وساعة إطلاق سراحه أو تقديمه إلى الجهة المختصة، مع تذييل هذه البيانات بتوقيع المحروس نظريا أو بإبصامه وفي حالة الرفض أو الاستحالة الاشارة إلى ذلك، مع إشعار عائلة المحروس نظريا فور اتخاذ قرار وضعه تحت تدابير الحراسة النظرية بمختلف الوسائل المتاحة وتضمين ذلك في المحضر، و كذا توجيه لائحة المحروسين نظريا يوميا إلى النيابة العامة المختصة، مع تسليم الأشخاص المبحوث عنهم على سبيل الاستعجال للجهة التي حررت مذكرة البحث في حقهم.
الاستاذ بلعسري قدم في مداخلته قراءة عميقة في المواد 69 و 70 و 78 من قانون المسطرة الجنائية، و ما تضمنته من بنود قانونية، فضلاً عن الإجراءات القانونية الضابطة لحوادث و الملكية و العفو و غيرها من المواضيع الهامة.
هذا، ومن شأن هذا اللقاء الهام المساهمة في تجويد عمل ضباط الشرطة القضائية وتوفير شروط المحاكمة العادلة وضمان عدم إفلات الجناة من العقاب وتعزيز ثقة المواطن في العدالة بصفة عامة وفي مؤسسة النيابة العامة والضابطة القضائية بصفة خاصة.