غزو روسيا لاوكرانيا شتاء سنة 2022 وان يبدو ظاهريا من الاحداث اللاحقة له، انها حرب بين دولتين، الا أنه صراع ذا بعد دولي تموقعت فيه الدول بين المساندة للطرف الروسي او الاوكراني وهو في كنهه تموقع بين مدافع عن النظام العالمي القائم وبين من يسعى الى خلق نظام عالمي جديد .
ان صورة الازمةالأوكرانية تظهر ملامح حرب عالمية قائمة تدار بوسائل مختلفة ، وقد منع السلاح النووي الروسي حتى الآن على الدول الغربية خوض الحرب مباشرة ضدها،وقد استنفذ الغرب كل الوسائل المتاحة له من اقتصادية الى مالية وحتى سياسية من استقطاب حكام دول العالم الثالت الخاضعة لنفوذه ، وكل ذلك لكسر شوكة الروس , فهل يفلح الغرب في تحقيق مسعاه.؟
ان دوافع الغرب للانخراط جماعيا في الحرب ضد روسيا ليس خوفا منه ان يحتل اوكرانيا، ولكن خوفه نابع من ظهور وضع عالميجديد متسم بالندية والمنافسة له،و بزعامة دول تختلف رؤيتها وايديولوجيتها عما يؤمن به الغرب .
إن الغرب الذي احتكر ولعقود طويلة من الزمن ثروةالعالم الاقتصادية والمالية وتحكم في مصير الشعوب كماتحكم في عقولهابآلته الاعلامية وسخرحكومات بلدانها لخدمة مصالحه، وافسد اخلاق الناس وحاول تغيير معتقداتهم وسلوكاتهم ، فانه لن يقبل بمنافس خارج دائرته الضيقة مهما كلفه الامر ذلك.
ويبقى السؤال ماذا لوفشلت العقوبات المفروضة من قبل الغرب لحصر الدب الروسي وتقزيم دوره عالميا؟ هل سيلجأ الغرب الى استعمال القوة العسكرية كخيار اخيرلبقاء الوضع العالمي على ماهو عليه ولتكون روسيا عبرة لأي دولة تخرج عن طاعة الغرب؟ ام ان هذالأخير سيقبل مستسلمابعالم متعدد القطبية وبمشاركته له الصين وروسيا خاصة في إدارة شؤون العالم؟ .
إن أزمة اوكرانيا بما هي عليه تدشن لبداية نظام عالمي جديد مهما كانت نتيجة الحرب فيها تماما مثل ما يحصل بعد كل حرب كونية.
ان النظام العالمي الجديد اذا كتب له الظهور فسينتج عن قيامه كسر هيمنة الغرب المطلقة وسيقلل من آثارها على العالم ومن انتشار الفقر وتقليص النزاعات الاقليمية ومن تقليل الصراعات الإثنية داخل الدول، وهذا النظام العالمي الجديد ستظهر فيه قوى إقليمية على مستوى كل قارة وبحضوراقتصاد صيني يتبوأ الصدارة في العالم مع عودة الدول الوطنية ذات سيادة غير منقوصة، كما أن هذالنظام العالمي الجديد سيعطي امكانية في تحقيق ألامن والسلام على مستوى العالم .
فأي نطام عالمي ستكون له الغلبة بعد انتهاء أزمة اوكرانيا ؟ وباي تغيير سيظهر وما مصير شعوب العالم وهل ستتحمل التكلفة وحدها وتكون الضحية ،وما موقع شعوب الدول الإسلامية في ظل تغيير لن يراعي خصوصيتها في جميع الاحوال ؟
الاستاذ اليزيد كونكا