شكل موضوع “إعداد التراب الوطني وإشكالية ضبط العمران، رؤى أكاديمية ومقاربات عملية”، محور ندوة علمية نظمتها جامعة سيدي محمد بن عبد الله-الكلية متعددة التخصصات بتازة (ماستر الجغرافيا والحكامة الترابية، وماستر استراتيجية صنع القرار)، بشراكة مع فعاليات متنوعة، سياسية، وقضائية، وعلمية، وتقنية، يومه السبت 20 ماي 2023 بمدرج الندوات بالكلية متعددة التخصصات.
وتأتي هذه الندوة العلمية، المنظمة من طرف ماستر الجغرافيا والحكامة الترابية، وماستر استراتيجية صنع القرار، بشراكة مع المركز الأفرومتوسطي للتفكير والدراسات القانونية والسوسيو اقتصادية، والمكتب الجهوي بتازة لنادي قضاة المغرب، بالإضافة إلى جماعة تازة وجماعة بوشفاعة، (تأتي) في إطار تكريس الكلية المتعددة التخصصات بتازة لإشعاعها العلمي والبيداغوجي والثقافي، ودأبا منها على إثارة مواضيع ذات راهنية.
وإلى جانب ذلك، يدخل تنظيم هذه الندوة في نطاق الحرص الدائم للكلية المذكورة على الإسهام في النقاش الأكاديمي الدائر حول القضايا الوطنية، والرهانات التي تشهدها المملكة، وعلى رأسها سياسة إعداد التراب الوطني والتعمير، لما لهما من دور محوري في تقليص الفوارق الجهوية، وتحقيق التنمية الاقتصادية والبشرية والتنمية المستدامة، والإسهام في التحولات السياسية الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها مغرب اليوم.
وناقشت الندوة العلمية العلاقة بين سياسة إعداد التراب والتعمير والتنمية المستدامة، باعتبار هذه الأخيرة ضمانة أساسية لتحقيق الاستقرار والسلم الاجتماعي، كما توقفت عند
أهمية إيلاء المسألة التعميرية العناية الكافية لضمان إسهامها الفعال في بناء اقتصاد وطني قوي وتنافسي، ينسجم وحجم التحولات العميقة التي يعرفها الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى إبراز العلاقة بين سياسة إعداد التراب والتعمير والتنمية المستدامة، باعتبار هذه الأخيرة ضمانة أساسية لتحقيق الاستقرار السياسي والسلم الاجتماعي.
هذا، ودعا المشاركون في الندوة إلى أجرأة النقاش حول سياسة إعداد التراب الوطني والتعمير، التي تصطدم بالعديد من الإكراهات والتحديات، سواء من جانب التعمير وما يعرفه من “مخلفات التعمير والبناء، وما يترتب عنها من سلبية على جمالية العمران”، أو من جانب إعداد التراب “وما يعرفه من إكراهات ديمغرافية واقتصادية وبيئية”.
وتمحورت مداخلات المشاركين في هذه الندوة، خلال الجلسة الأولى بعنوان : “التعمير بين القانون والقضاء”، حول مجموعة من المحاور التي همت رقابة القضاء الإداري على القرارات الإدارية المتعلقة برخص التعمير، وإجراء ضبط وزجر مخالفات التعمير والبناء، وكذا تأطير التعمير والبناء في العالم القروي، وتجليات إعمال قانوني التعمير والتجزئات في الدعاوى العقارية، وكذا إشكالية قسمة وتجزئة العقارات بين النص وإكراهات الواقع، ودور النيابة العامة في قضايا التعمير، وقراءة في مقتضيات القانون 12-66 بشأن ضبط وزجر مخالفات التعمير.
أما الجلسة الثانية التي تطرقت لموضوع: “إعداد التراب الوطني وتدبير المجال المديني بالمغرب”، فقد همت محاورها مجالات المشاريع في سياسة التصاميم الجهوية لإعداد التراب الوطني، ورقمنة رخص التعمير بين متطلبات الفعالية وإشكالات الملائمة، وكذا إعداد التراب بالمغرب بين إشكالية التعريف وصعوبة التنزيل.
وفي تصريح للجريدة، قال الأستاذ وديع الهامل، أستاذ باحث بالكلية المتعددة التخصصات بتازة، أن “هذه الندوة تأتي في ظل راهنية الموضوع، باعتباره موضوع قديم –جديد، قديم قدم الإنسان على أساس انه معتمر دائم للأرض والعمارة، وجديد لكونه يتطور بتطور الإنسان، والتطور الذي يواكبه يطرح ضرورة توفير الترسانة القانونية اللازمة من أجل ضبطها وتشييد الصرح المؤسساتي، لذلك يأتي دور المشرع لضبط الحالة العمرانية ومنع التجاوزات، ورقمنة وثائق التعمير، والقانون المتعلق بالبناء في العالم القروي”.
من جهته قال، منير روي، رئيس قسم اليقظة القانونية بوزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، أن “مشاركة الوزارة بهذه الندوة العلمية الوطنية، تأتي نظرا لأن إعداد التراب الوطني يعد الشغل الشاغل للوزارة، وكذا من أجل المساهمة في إغناء النقاش بالندوة، والاستماع للمقاربات العلمية التي تقدم بها المشاركون ذوو الاختصاص والفاعلون المدبرون للقطاع، وعبرنا من خلالها عن موقف وسياسة الوزارة بهذا الصدد”.
أنور شقروني، مستشار بمحكمة النقض-الغرفة الإدارية- قال في تصريح مماثل، أن “هذه الندوة تأتي في ظل الراهنية الوطنية التي تعرف تنزيل مقتضيات القوانين المنظمة لمجال التعمير الوطني، سيما في ظل قانوني 12-66 المتعلق بزجر وضبط مخالفات التعمير، وقانون 12-90، وهي مناسبة لتبادل الأفكار ووجهات النظر لدى مختلف الفاعلين بالميدان، خصوصا من منظور القضاء الإداري، وفق آخر التوجهات لدى الغرفة الإدارية لمحكمة النقض، من خلال محاولتها تطبيق قواعد المشروعية المنصوص عليها في القانون 41-90 المحدث بموجبه المحاكم الإدارية، ومحاولة القيام بتوازن بين حق الإدارة في تطبيق القانون، وحق المواطن في الحصول على بناء قانوني’.
وخلصت توصيات الندوة العلمية إلى أهمية التحسيس والتشاور بين أطياف متنوعة، بغية توضيح وإزالة الغموض عن مختلف الجوانب التي تهم سياستي التعمير وإعداد التراب، من أجل رؤى واضحة تستشرف الآفاق المستقبلية للمجالات، والتي من شأنها الاستجابة للرهانات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
فتيحة الخطاب/طالبة باحثة بسلك الدكتوراه جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس.